كيف تفكر بطريقة صحيحة
العقل يتحرك بالفكر، فبدونه لا يتحرك العقل بل يموت ويبطئ لذا نحن نفكر لأننا نريد أن نعمل بجدية، والعقول إذا تركناها ملت وصدأت.
في البداية يجب أن نعرف معنى التفكير؛ فالتفكير هو سلسلة من نشاطات العقل التي يقوم بها الدماغ ويتم استقبالها عن طريق واحد أو أكثر من الحواس الخمسة :
ويجب أن نتعرف على الفرق بين التفكير ومهارات التفكير؛ فالتفكير هو عملية يقوم بها الفرد عن طريق معالجة عقلية للمدركات الحسية، والمعلومات؛ أما مهارات التفكير فهي عمليات محددة نمارسها ونستخدمها في معالجة المعلومات ومن أهم هذه المهارات: (الاتصال، المقارنة، التلخيص، الواقع والخيال، الطلاقة).
إن الدعوة إلى التفكير ليست من الأمور التي ينادي بها الغرب بل نادى بها ديننا الحنيف من خلال كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فديننا يدعونا للتفكير والإبداع وهذه الآية دليل على ذلك: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} [طه: 17- 18].
فسيدنا موسى عندما سأله على التي بيده قال إنها عصاه يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه ولكن عندما وضع في موقف السحرة وربه أمره برمي العصا فتحولت إلى حيا فهذا من تفكير وتدبير الله وهذه الآية للعبرة والتعليم والعظة.
مهارات التفكير التي لابد من اكتسابها:
ومن مهارات التفكير؛ (أعكس، الطبيعة، لون، أحذف، الهروب من المسلمات، أضف، سلبي.. إيجابي.. مثير، إعادة دورة الحياة، النظر بعيون الآخرين، الحواس، التصغير، التكبير، مشاكل، الناقص، قارن، البيئة، تغيير المسمى، ماذا لو، العاطفة، البديل، المبادرة، الحياة تجارب)
وفيما يلي سنحاول نتعرف على بعض المهارات بإيجاز.
1- مهارة أعكس:
مهارة العكس بمعنى هناك بعض الأشياء التي لو عكست أوجدنا من خلالها فكرة جديدة؛ وفيما يلي بعض الأمثلة:
الدرج؛ الدرج ثابت ونحن نتحرك من خلاله، تخيل لو أن الدرج متحرك ونحن ثابتون كان الناتج سلم كهربائي.
الساعة؛ من المعتاد أن تكون العقارب تدور وديكور الغرفة ثابت، أعكس العقارب وسترى الديكور يتحرك والعقارب ثابتة.
2- مهارة الطبيعة:
قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية:17].
وهي من مهارات الربط بين الطبيعة والمنتج؛ وسنأخذ بعض الأمثلة التوضيحية لهذه المهارة: الغواصة اقتبست من شكل الحوت، السيارة فلوكس أخذت من شكل الخنفساء.
3- مهارة اللون:
التلوين واختيار الألوان المناسبة من المهارات الجميلة لأي مفكر ومبدع؛ فالكثير من الأشياء لم تكن ملونة وبتلوينها تصبح ذات جذابة وشكل رائع.
مثلاً: التليفزيون كان في السابق أبيض وأسود وعندما أصبح ملون أصبح أكثر مبيعاً، المصحف المجود؛ تحديد الأحكام بالألوان جعلت له شكل مميز وسهل لمزيد من اتقان التجويد، الزجاج الملون هو نفسه الزجاج العادي ولكن بالألوان أصبح منتج جديد، لوحات المحلات الملونة، الدفاتر والأقلام، التلوين مهارة تكسب المنتج الشيء الكثير.
4- مهارة احذف:
قصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه؛ عندما قدم من مكة وليس معه شيء وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن ربيعه رضي الله عنهما.
عرض عليه سعد بن ربيعه رضي الله عنه النصف من ماله وأن يطلق إحدى زوجاته على أن يتزوجها عبد الرحمن بن عوف، لكنه رفض وتوجه للسوق وعمل بالتجارة، سأقول لكم إنه كان يشتري البعير مثلاً بمائة درهم ويبيعها بنفس المبلغ.
فكان ينزع من على البعير عقاله، ويبيع العقال على حدة، بمعنى كان يحذف شيء، وهي مهارة من مهارات التفكير.
5- الهروب من المسلمات:
وهذه المهارة تشبه مهارة الحذف؛ على سبيل المثال: اذكر خمسة من مكونات المباراة ثم احذف أحدها…، فكر في الحل المباراة تتكون من لاعبين، حكم، كرة، ملعب، مدرجات، لوحة إعلانية؛ احذف أحدها واوجد حل تعويضي؛ تعلم من فشلك وابحث عن التحدي والتجديد.
6- مهارة أضف:
وهي إضافة أجزاء معينة تعطينا شيء جديد، فمثلاً؛ إضافة فلتر لتنقية الماء، غطاء لعلبة العصير والحليب السائل؛ إذا لم تجد نتيجة فيما تفعله فافعل شيئاً آخر.
7- مهارة إعادة دورة الحياة:
وهي مهارة مبنية على إعادة أشياء قديمة وتطويرها. والحكمة هي: إذا كان الأمس ضاع، فبين يديك اليوم.
8- مهارة الحواس:
إن تطوير المنتج يجعل الحواس شيء أساسي في الصورة الجديدة؛ فبعض المطاعم قامت بوضع شلالات لتجعلنا نستمتع بحاستي “النظر والسمع”.
9- مهارة التصغير:
وهي مهارة جديدة تجعل كل شيء كبير من حولنا على شكل أصغر؛ فالميداليات هي تصغير للكثير من الأشياء الموجودة في حياتنا؛ التحفيز هو ما يجعلك تبدأ، العادة هي ما تجعلك تستمر.
10- مهارة المشاكل:
وراء التطوير سببين؛ رغبة في المتعة وخوف من شيء؛ مثال: مواسير السباكة البلاستيكية سببها الكثير من المشاكل للمواسير القديمة.
11- مهارة الناقص:
انظر من حولك وتحديداً في الحي الذي تسكن فيه؛ وفكر ماذا ينقص هذا الحي؟
فكر في الناقص في هذا الحي وحاول أن تفعل شيء من أجله؛ الغ كلمة مستحيل من حياتك.
12- مهارة (المقارنة):
اعمل مقارنة بين أي دولتين، فكر جيداً واوجد أوجه الشبه والاختلاف.
مثلاً؛ خط بارليف!! هو خط رملي وضعته إسرائيل بين فلسطين المحتلة ومصر لمنع المصريين من الوصول إليهم؛ ولكن المصريين فكروا جيداً، وبفكرة صغيرة من خلال التركيز على نقاط الضعف وحطموا هذا الخط؛ لا شيء يأتي إلا من خلال العمل الجاد.
13- مهارة البيئة:
يجب أن يكون المنتج متوافق مع البيئة؛ وهذا يجعل العقول تعمل بشكل إيجابي للحصول على منتجات تناسب بيئة المستهلك؛ ما زال لديك المزيد فلا تتوقف فهناك هدف لابد أن تحققه!
14- مهارة التغيير المسمى:
وهي تغيير اسم وظيفة معينة إلى اسم ثاني يتناسب أو يتماشى مع صاحب الوظيفة؛ فعلى سبيل المثال في إحدى الدول الغربية أراد المدير أن يحفز عمال النظافة إلى فني واجهات وأخصائي مرئيات؛ وقد لاحظ المدير نشاط هائل لدى العمال بسبب التغيير الذي أحدثه؛ ما أروع أن تضمد جراحك بضماد الأمل.
15- مهارة ماذا لو:
ماذا لو (للمستقبل) ماذا لو كنت مدير.. في دائرتك.. ماذا ستعمل..؟ ستجد الكثير والكثير من الأفكار؛ لا تهرب بعيداً من الفشل بل اردسه جيداً واكتشف موجوداته الخفية.
16- مهارة العاطفة:
منع الجوال في المساجد لأنه يؤثر على عاطفة المصلي، التبرعات الخيرية؛ فالجمعيات الخيرية تضع صوراً للأطفال اليتامى والمستحقين للتبرع من أجل عاطفة المتبرعين للتبرع للجمعية؛ التفاؤل الدائم هو مولد دائم للقوة.
من صفات المبدع؛ أنه يتحمل المسئولية، يتحدى ولا يساير، حازم وحاسم؛ والمسلم في ذهنه الجنة.
17- الحياة تجارب:
سأسرد لكم بعض القصص باختصار؛ ولكن من أفضل القصص سيرة سيد المرسلين والصحابة والتابعين رضوان الله عليهم أجمعين؛ ولكن سنعرض بعض القصص الأخرى.
قصة الطباخ؛ وهو طباخ متقاعد، وأعطي مبلغ زهيد جداً وهو في سن الستين لم يستسلم للواقع، وحاول أن يحصل على عمل وبعد عدة محاولات وصل في النهاية هل تعرفون من هو…؟ إنه كنتاكي.
وتذكر دائماً؛ إذا أقفل الباب فتح الله لك ألف باب آخر.
وفي النهاية الابتكار ليس حكراً على أحد، وقد يكون وليد لحظة مضيئة من الفكر، وقد يكون نتيجة لتجارب السنين الطويلة؛ فبعد التركيز ستتجاوز كل صعب بإذن الله.